
تُعتبر كرة القدم في المغرب الرّياضة الأكثر شعبيّة، تَحكُمها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. وتتمتّعُ الكرة المغربيّة بأنديّة ذات جماهير واسعة
ظهرت كرة القدم في المغرب أثناء الحماية الفرنسيّة، وتأسّست أوّل الأنديّة في عشريات القرن العشرين
بعد استقلال المغرب ، تأسست الجامعة الوطنية لكرة القدم مباشرة وكان ذلك في سنة 1956، فألغيت جميع المسابقات التي كانت في عهد الحماية وعوضت ببطولات أخرى أسّستها الجامعة الملكيّة لكرة القدم كالدّوري المغربي وكأس العرش وكأس السوبر المغربي مع حل أعرق فريق مغربي في ذلك الوقت نادي الاتحاد الرياضي المغربي

فقد ظل المغاربة، كما تقول بعض المصادر، يمارسون هذه اللعبة في المدن والقرى ويروّحون بها عن أنفسهم بكل عشوائية، ولم تجر أول منافسة رسمية بين فرق مؤسسة وفي دوري منتظم فوق التراب المغربي إلا في سنة 1916
ولكن قيدوم الصحفيين والمعلقين الرياضيين المغاربة الحسين الحياني يؤكد أن أول مباراة رسمية لُعِبت فوق التراب المغربي قد جرت أطوارها في سنة 1913 في قرية "عين تاوجطات" الواقعة بين مدينتي فاس ومكناس (وسط المغرب)، وذلك بعد سنة فقط من فرض نظام الحماية على المغرب، والذي تحول عمليا إلى استعمار حقيقي. وقد تكون هذه المباراة قد جرت بين مستوطنين فرنسيين من مدينة فاس ومستوطنين فرنسيين من مدينة مكناس

وفي بداية عشرينيات القرن الـ20، ولأن الأندية بدأت تعاني من نقص في مواردها البشرية، سُمح لهذه الأندية بإدماج لاعبين مغاربة، وهكذا تميز النصف الأول من العشرينيات ببروز اللاعبين المغاربة الأولين داخل نوادي البطولة
ومن ضمنهم محمد بن لحسن التونسي العفاني الملقب بـ"الأب جيغو" (Père Jégo)، فبعد أن كان أول حامل لشهادة الباكالوريا في تاريخ المغرب، اكتشف الأب "جيكو" حبه لكرة القدم حينما ذهب إلى فرنسا من أجل مواصلة دراسته سنة 1919
وبعد أن أنهى دراسته في مجال المهن المالية والبنكية، عاد إلى المغرب سنة 1922، حيث انضم إلى صفوف الاتحا الرياضي للدار البيضاء (U.S.M.)

بدأت فيما بعد في المغرب ما يمكن أن نسميها مرحلة "كرة قدم الأهالي" (Le football des indigènes)، وهي المرحلة التي بدأ فيها تأسيس النوادي على يد الوطنيين المغاربة، وكانت السلطات الفرنسية في المغرب قد أصدرت قانونا يمنع على المغاربة تأسيس الجمعيات أو النوادي، إلا بشرط وجود من يحمل الجنسية الفرنسية في مكتبها ولو كان فردا واحدا
ولأن فرنسا بعد استعمارها الجزائر عدّتها مقاطعة فرنسية وأعطت كل أبنائها الجنسية الفرنسية، فقد اهتدى بعض الوطنيين المغاربة إلى حيلة تضمين مكاتبهم التنفيذية مواطنين جزائريين من المقيمين في المغرب

لم يحن بعد وقت المطالبة بالاستقلال، لكن كرة القدم والرياضة بصفة عامة أسهمت في المطالب الإصلاحية التي رفعتها الحركة الوطنية بالمغرب، وكان الهدف الرئيس لها هو القطع مع الظلم والتمييز، والشاهد على ذلك هو تاريخ إنشاء أحد أكبر الأندية المغربية، وهو الوداد البيضاوي
فقد بدأ كل شيء سنة 1935، حين شرع بعض المسلمين واليهود في الدخول إلى المسابح المحيطة بميناء الدار البيضاء. وإذ كان الدخول لهذه المسابح مشروطا بالانتماء لنادٍ من الأندية، فقد تكاثر انضمام المغاربة لهذه الأندية، وهو ما أقلق الأوربيين الذين بدؤوا بطرد هؤلاء من أنديتهم
وأمام هذا الوضع، قرر كل من محمد بنجلون وعبد اللطيف بنجلون التويمي إنشاء ناد يسمح للمغاربة بولوج المسابح البيضاوية. وبعد عدة اتصالات، رخص المقيم العام الفرنسي "شارل نوغيص" بإنشاء "نادي الوداد لكرة الماء" سنة 1937
وبعد سنتين، تم إنشاء فرع كرة القدم، وضم الفريق 10 لاعبين مغاربة وأوروبيا واحدا، فضاعف ذلك من شعبية النادي البيضاوي لدى الجماهير بشكل واسع، لأنه كان أول نادٍ يمثل المغاربة ويقارع الأوروبيين، فحظي بتشجيع المواطنين المغاربة، وهو تشجيع يختلط فيه ما هو رياضي وما هو وطني محض، فكان هذا النادي مزعجا للسلطات الفرنسية، وهذا ما جعله يحمل إلى اليوم لقب "وداد الأمة"

في سنة 1955، وقبل الاستقلال بسنة، أخذت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد المغربي لكرة القدم)، وذلك قبل حتى تأسيسها بصفة رسمية، بزمام أمور "العصبة الوطنية" التي كانت آنذاك واحدة من العصب الـ22 المنضوية تحت لواء جامعة الكرة الفرنسية (الاتحاد الفرنسي) في عهد الحماية الفرنسية
وفي السابع من يوليو/تموز 1956 أُسّس بصفة رسمية الاتحاد المغربي لكرة القدم، وانطلق بعدئذ أول دوري مغربي في 15 سبتمبر/أيلول 1956، كما انتسب المغرب للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في 1960م. وهو كذلك عضو في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "كاف" منذ عام 1959م
وبعد استقلال المغرب سنة 1956 انطلق أول موسم للدوري المغربي تحت إشراف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فتوِّج نادي الوداد البيضاوي بالنسخة الأولى لموسم 1956-1957، وهو اللقب السادس له والأول بعد الاستقلال
وفي الموسم الذي يليه توّج نادي الكوكب المراكشي، ثم في الموسمين اللاحقين توِّج كل من "نجم الشباب البيضاوي" و"النادي القنيطري"

الأسطورة العربي بن امبارك الملقب بـ"الجوهرة السوداء"، هو أول مغربي يحترف لعب كرة القدم في أوروبا، وأول من قاد فريقا كاملا من اللاعبينا المغاربة المسلمين لمواجهة نظرائهم من أبناء المستوطنين الأوروبيين في مدينة الدار البيضاء، وصاحب أطول مسيرة رياضية في صفوف المنتخب الفرنسي لكرة القدم حتى الآن بما يقارب 16 عاما
ولم يتردد الأسطورة البرازيلي "بيليه" خلال زيارته للمغرب عام 1976 في اعتبار بن مبارك أحسن لاعب على الإطلاق بين أبناء جيله، كما أهداه قميصا لنادي سانتوس البرازيلي يحمل الرقم 10، تأكيدا لاعتراف "بيليه" بنجومية اللاعب المغربي، التي ألهمت الأجيال اللاحقة
وأما صاحب الرقم القياسي لهدافي كأس العالم الفرنسي "جوست فونطين" فعندما سُئِل عمن هو أفضل لاعب كرة قدم في التاريخ: هل "بيليه" أو "ماردونا"؟ أجاب "لو كان هناك تلفزيون يسجل المباريات في الأربعينيات لما طُرح هذا السؤال عليَّ ولا على أي أحد، فالعربي بن مبارك يتفوق على الجميع"
وقد بلغ شغف الفرنسيين به إلى درجة أن الجمهور الباريسي عندما كانت تجري المفاوضات لانتقال العربي بن مبارك إلى فريق "أتلتيكو مدريد"، كان يجوب شوارع باريس في مظاهرات تحمل شعارا يقول "إذا كنتم بحاجة إلى المال، فبيعوا برج إيفيل وحافظوا لنا على العربي بن مبارك
