📁 آخر الأخبار

معركة وادي إسلي .


معركة وادي إسلي

في يوم 14 من شهر غشت سنة 1844، وقعت في ضاحية مدينة وجدة المناضلة معركة سميت فيما بعد بمعركة إيلسي، لأن أطوارها جرت في ضحى يوم حار على مقربة من الوادي الذي يحمل هذا الاسم
وقعت هذه المعركة الحربية بين المغاربة وبين الجيش الفرنسي الذي قضى في ذلك التاريخ أربع عشرة سنة وهو يغزو أرض الجزائر بلا هوادة ولا تعثر مستوليا على مدتا ومعاقلها، الشيء الذي حمل كثيرا من سكانها الملتفين حول بعض رؤساء الجهاد فيها، لا إلى اللجوء إلى أرض المغرب فحسب، بل إلى طلب النجدة والعون من إخوانهم في المغرب منذ السني الأولى من مواجهة العدو الكافر 
إن معركة إيسلي لم تكن أول معركة خاضها المغرب ضد العدوان الأجنبي ولا آخر موقف من مواقف الشهامة والتعبئة الوطنية الشاملة ضد الشامتين والطامعين والمستفزين، بل إن تاريخه الإسلامي لم يعرف فترة من المعارك ولم يعرف معارك لم ترتبط بقضية شريفة، بل إن معاركه كلها كانت في أطوار المد الحضاري، من أجل نشر عقيدته الإسلامية، وكانت، في أطوار التقلص، من أجل نشر عقيدته الإسلامية، وكانت، في أطوار التقلص، من أجل الدفاع عن تلك العقيدة وحماية بيضتها
فقد توارث المغاربة، جيلا عن جيل، خلال ثمانية قرون، قضية الجهاد ضد الصليبيين في الغرب الإسلامي وخاضوا معارك وحققوا انتصارات خلدها التاريخ أكاليل على هامات ملوهم العظام حتى أن هذه العظمة نفسها، قد ارتبطت في ضمير الشعب بقضية الجهاد المقدس وذودا عن الدين الحنيف وترسيخا لدعائمه
معركة وادي إسلي

في 6 غشت 1844 راسل الماريشال بيجو الأمير المغربي قائلًا: "إنها المرة الأخيرة التي ألتمس منك رداً شافياً، وصريحاً حول إبعاد عبد القادر من المنطقة. وإن لم أتوصل بالرد الشافي في ظرف أربعة أيام فسأتقدم بجيشي لأطالب به" (المصدر: مراسلات خاصة ووثائق الماريشال بيجو)لم يرد الأمير على ذلك المطلب، وفي يوم 14 غشت 1844 تقدمت جيوش الماريشال بيجو في جنح الظلام نحو وجدة، وعسكرت على مرتفع يطلّ على وادي إيسلي، يبعد نحو 5 كيلومترات عن المدينة، حيث كانت تتمركز طلائع الجيش المغربي. إثر تقابل الجيشين قرر الفرنسيون شنّ هجوم سريع على المغاربة في قعر الوادي، فانقضّ الفرسان المغاربة وسط التكبير والتهليل لمنعهم من الوصول إلى ذلك الموقع

غير أن فرق العدو تقدمت نحو منطقة من الأرض تتكاثر فيها الحواجز الطبيعية احتماء من كرات الفرسان، الذين صاروا لكثرة عددهم وحماستهم وإقبالهم على الشهادة، يتصادمون، فاختلّ تنظيم الهجوم وضعفت نجاعته في إصابة العدو بخسائر. كما أن الجيش المغربي تضمن جزءاً نظامياً وآخر غير نظامي، فشلت القيادة العسكرية في التنسيق بينهما مما جعل خطوطها أكثر عرضة للتخلخل مع هجومات الفرنسيين وتغطية المدفعية الثقيلة التي هاجموهم بها

في المقابل كانت المدفعية المغربية جد قديمة، فلم تزد أي قيمة مضافة على قوة الفرسان الضاربة، وهذا ما يظهر أن تطور السلاح والتكتيك الحربي الفرنسي كان حاسماً في المعركة، أمام تقليدانية الحرب المغربية واعتمادها على أعدادها التي فاقت العدو. كما لعب تمركز القوات المغربية دوراً، إذ بقي معسكرهم في مكان مكشوف، سهل الاستهداف، وبالتالي تَشتَّت تركيز الجيش المغربي بين خوض الاشتباك مع العدو وحماية المعسكرلم تدُم المعركة إلا ساعتين، وانكسر الجيش المغربي منهزماً، وفرّ ولي العهد في حماية حاشيته. بعدها بأشهر كان السلطان يوقع معاهدة لالة مغنية، التي بموجبها رحل الأمير عبد القادر عن المغرب، ومهدت للتوغل الأوروبي في البلاد إلى حين إعلان الحماية الفرنسية عليها سنة 1912

معركة وادي إسلي